ولا أبي بكر ولا خلافةِ عمر، بل قد نزلَ القرآنُ بأنها بعدَ الثالثة تَحرُم عليه حتى تنكح زوجًا غيره، وتواترت بذلك السنة، وشاع ذلك في المسلمين. ولم يكن هذا من جنس تحريم نكاح المتعة الذي خفي على بعضهم، فإن هذا لم ينزل نَسْخُه صريحًا في القرآن، ولا ظَهَرَ أمرُه كظهورِ الطلاق الثلاث، فإن طلاق الرجلِ المرأةَ الطلقةَ الثالثة بعد ثنتين ممّا تكرر وقوعه على عهد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وخليفتَيه، مثل فاطمة بنت قيس لما أرسل إليها زوجها أبو حفص بن المغيرة بآخر ثلاث تطليقات، وكان قد ذهبَ مع علي إلى اليمن (?)، وكان هذا في آخرِ الأمر قريبًا من حجة الوداع. وكذلك امرأة رفاعة القُرظي تميمة بنت وهب، لما طلَّقها رفاعة، فأبتّ طلاقَها بالثلاث، ونكحتْ بعده عبد الرحمن بن الزَّبير، وجاءت إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تسألُه العودَ إلى رفاعةَ، فقال: "لا، حتى تذوقي عُسَيلتَه ويذوقَ عُسَيلتك" (?).

وكلا القصتين مشهورة ثابتة في الصحيح والمساند والسنن من غيرِ وجه، وهذا بخلاف سِرّ المتعة. فلو كان أحدٌ يُمسِك امرأتَه بعد الطلقة الثالثة لكان ذلك مما يَظهر للمسلمين. وأما المتعة فلما حُرِّمت تركَها مَن علم التحريمَ، ومن لم يَعلَمْه فعلَها قليل منهم وهي تُفْعَل سِرًّا. ولم يَنْقُل أحدٌ أن أحدًا بعد النسخ أمسكَ امرأتَه بعد ثلاثِ تطليقاتٍ، كل طلقةٍ بعد رجعةٍ أو عقدٍ، ولا أنه طلَّق بغيرِ عددٍ، مع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015