أو يسرح بإحسان، وهذا لا يكون إلاّ فيما إذا أخر الطلقةَ الثالثةَ عن الطلقتين، لا إذا جمعَ الجميعَ.

الوجه التاسع: أنه قال بعد ذلك (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا)، ومعنى ذلك باتفاق المسلمين: فإن طلَّقها الذي طلَّقها مرتين فلا تحل له من بعدِ هذا الطلاق الثالث حتى تنكح زوجًا غيره، فإن طلَّقها هذا الزوج الثاني فلا جناح عليها وعلى الزوج الأول أن يتراجعا، أي ينكحها نكاحًا ثانيًا إن ظنَّا أن يقيما حدود الله، وحينئذٍ فالله تعالى إنما حرَّمها في القرآن بطلقة وقعتْ بعد الطلاقِ مرتين.

الوجه العاشر: أنه قال (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ)، فقوله "وإذا طلقتم" عام في كل تطليق، فإنه نكرة في سياق الشرط، فأمر عند بلوغ الأجل بالإمساك أو التسريح، وهذا لا يكون مع جمع الثلاث، فعُلِم أن جمعَ الثلاث لم يدخل في ذلك. فلا يكونْ داخلا في مسمَّى التطليق، فلا يكون مشروعا، فإنه لو دخل في مسمَّاه لزِمَ مخالفةُ ظاهرِ القرآن وتخصيصُ عمومِه.

فإن قيل: فهذا يرد عليكم في الثالثة إذا أوقعها بعد ثنتين.

قيل: قد بين ذلك بقوله (الطَّلاقُ مَرَّتَانِ) إلى قوله (فَإِنْ طَلَّقَهَا)، فقد بين أن الطلاق الذي ذكر فيه الإمساك إنما هو مرتان فقط.

الوجه الحادي عشر: أنه قال (الطَّلاقُ مَرَّتَانِ)، ولم يقل "ثلاثًا"، مع العلم بأنه يملك أن يُطلقها ثلاث تطليقات في ثلاث مرات، فعُلِم أنه أراد أن يُبين أن الطلاق الذي هو أحقُ برجعتها فيه مرتان، ولو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015