الكتمان لم يدلّ ذلك على أنّ كتمانها ينفعها إذا علم بها، بل قد لا يعلم كتمانها، فتكتمه الحمل، فيطلِّق يَظُنُّها طاهرًا، ويستمرّ الأمر إلى أن تَضَعَ الحملَ، فربَّما غيبت الولد وكتمت الولادة. كما رُوي أن امرأة لعمر فعلتْ ذلك، وأنّ عمر عاقبها بمنعها من الأزواج. وربما مات الولدُ أو قتلته، وربّما كَرِهَ الزوجُ مراجعتها بعد ذلك. هذا مع العلم بأن طلاقها لا يقع، فكيف وأكثر الناس يَظنُّون أنّ طلاقَها يَقَعُ، فيكون كتمانُها مَضَرَّةً في هذه الحال. والزوج قد يعتقد أن طلاقَها يَقَعُ كما يَعتقده غالبُ الناس، فيتضرَّرُ حينئذٍ بمكرِها وكيدِها، فنَهْيُ اللهِ لها عن الكتمانِ فيه كمالُ المصالحِ للعالِم والجاهل في مسائل الإجماع والنزاع. ثمَّ من كان أَبْصَرَ وأخبرَ بحكمة الربِّ ورحمتِه ومحاسنِ الإسلام تبيَّنَ له أنّ الربَّ لم يجعل لها طريفا إلى أن تُضارّ الرجل، حتى تُوقِعَه في طلاقٍ أو تمنعَه من رجعةٍ، إلاّ إذا كان حكم الله ورسوله خَفِيًّا عليه، فيُؤتَى من عدمِ علمِه، لا مِن نقصٍ في حكمِ الله ورسوله.
والله أعلم وأحكم، ولا حولَ ولا قوة إلاّ بالله.
آخره، والحمد لله رب العالمين.
(بلغَ مقابلةً بالأصلِ خطِّ المؤلف، ومنه نُقِل. والحمد لله رب العالمين).
***