زوجَها الطلاقَ في غيرِ ما بأسٍ فحرامٌ عليها رائحةُ الجنة" (?). فإذا كان هذا بسؤالها واختيارِه فكيفَ باحتيالها ومَكْرِها. وهذا مما يَدُلُّ على بطلان الطلاق، فإنّ الشارع حكيم ينبغي أن يعاقبها بنقيضِ قصدِها، فلا يَحصُل لها ما طلبته من المكر والخداع المحرَّم. فإذا كتمتِ الحملَ وقالت: إني طاهر، حتى طلَّقها، ولم تكن طاهرًا بل كانت موطوءةً، ولم يتبين حملُها فهذه لا يقع بها الطلاق، على هذا القول الذي نصرناه، وقد وقع مثلُ هذه القضية، وإذا تبين أنها قد تكتم الحبل بعد الطلاق وقبل الطلاق، مع أن المطلقة مأمورة بثلاثة قروء، تبيَّن أنَّ هذا القول هو المتضمن للعمل بالآية دُون ذاك.

وقد ذكر بعض أهل التفسير (?) أنهن في الجاهلية كنّ يفعلن ذلك، فقال ابن السائب عن أبي صالح عن ابن عباس كانت المرأة إذا كانت راغبةً في زوجها قالت: أنا حُبلَى، وليست حبلى، لكي يُراجعَها.

وإن كانت حُبلَى وهي كارهة قالت: لستُ بحبلى، لكي لا يَقدِرَ على مراجعتها، أو لكيلا يُراجعَها. فلمّا جاء الإسلام ثبتوا على هذا، فنزل قولُه، فقال: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ) (?).

ثم نزلت: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) (?).

قلت: وهذا يقتضي أنهم كانوا يُطلِّقون الموطوءة قبلَ نزول آية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015