وهي ثلاثة: تربصُ ثلاثة قروء، واستحقاق البعل الرجعةَ، وأنه مرَّتانِ، ثلاثتُها منفيةٌ في الخلع، لأنه افتداءٌ افتدتْ به المرأةُ نفسَها من زوجها كما يَفتدِي الأسيرُ، فقد اشترتْ ذلك وعاوضتْ عليه. وقد يُشبه بالإقالةِ أيضَا، ولهذا قال من قال: ينبغي أن لا يكون بزيادة على المسمى كالإقالة.
وإذا قيل: هو فسخٌ، فهل يصحُّ مع الأجنبي؟ فيه وجهانِ في مذهب الشافعي وأحمد.
أحدهما: لا يَصحُّ، فإنه حينئذٍ يكون كالإقالة، والإقالةُ لا تكون مع الأجنبي. وهذا قول أبي المعالي والرافعي، وقد ذكره أبو الخطاب وغيره من أصحاب أحمد.
والثاني: يَصحُّ مع الأجنبي، وهو الصحيح المشهور عند أصحاب أحمد، وكذلك ذكره العراقيون من أصحاب الشافعي، كأبي إسحاق الشيرازي في "نكته"، وذلك لأنه كافتداء الأسير، ويجوز بَذْلُ الأجنبيِّ العوضَ في افتداء الأسير. وبسطُ هذا له موضع آخر (?).
والمقصود هنا أن القرآن من تدبره تدبرَا تامَّا تبينَ له اشتمالُه على بيان الأحكام، وأنَّ فيه من العلم مالا يُدرِكه أكثرُ الناس، وأنِّه يُبيّن المشكلاتِ ويَفصِل النزاع بكمالِ دلالتِه وبيانِه إذا أُعطِيَ حقَّه، ولم تُحرَّفْ كَلِمُهُ عن مواضعه.
فقوله: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) نصٌّ في أنَّ المرادَ ذاتُ الأقراء. وقد تنازعَ الناسُ هل يعمُّ لفظُها لذواتِ الحمل والمتوفى عنها، ثمَّ قد خُصَّ منها ذلك؟ أو لا يَعُمُّ لفظُها لهؤلاءِ؟