عدتها القروء، ثم يتبين أنها حامل، كما أنه ربما ظنت أن أجلها وضع الحمل، ثئمَ يتبين أنها حامل. وحينئذٍ فالنساء ثلاثة أقسام.
أما المطلقة طلاقَ السنة التي طُلِّقتْ في طهر لم يُصِبها فيه فالظاهر من هذه أنها ليست حاملاً، والتي استبان حملها ظاهرُ أمرِها أنها حامل، والتي وطئها ولم يعلم أحَملتْ أم لا فهذه مشكوك فيها، لا تدري أعدتُها القروء أو وضع الحمل. والأولى طلاقُها جائز بالاتفاق، والثانية أيضًا طلاقُها جائز بالاتفاق، وهذه الثالثة لا يجوز طلاقُها، لأنه يحتمل أن تكون عدتُها القروء، ويحتمل أن تكون عدّتُها الحمل.
والله إنما أباحَ الطلاقَ للعدَّة، وذلك إنما هو لمن علمت عدتها، وهي القروء أو الحمل، وهي المطلقة في الطهر قبل الجماع، أو المطلَّقة وقد استبانَ حملُها. وإذا كان كذلك فالآيةُ تضمنتْ أمر المطلقة بأن تتربص ثلاثة قروء، وهذا الأمر لا يكون إلاّ لمن طُلِّقتْ بعد الطهر وقبل الجماع، فأما من استبان حملُها فلا تُؤمَرُ بذلك. ومن شك هل هي حامل أم لا، لو كان طلاقُها جائزًا لم تُؤمر بذلك، بل يقال لها: انظري، فإن كنتِ حاملاً فعدَّتكِ الحملُ، وإن كنتِ حائلاً فعدَّتُكِ القروء. فلما كان الله تعالى أمرَ المطلَّقاتِ بتربُّص ثلاثة قروء، وأمرُه لم يتناولْ هذه المشكوك فيها، لم تدخلْ في الآية. فتبين بذلك بطلانُ قولهم إنّ الآية تناولَتْها.
ثمَّ نقول: إذا كان في هذه الآية أمرُ كل مطلَّقةٍ بعد الدخول بتربُّصِ ثلاثةِ قروء، وإن كانت من أولات الأحمال فأجلُها وضع الحمل، وهذه لا تُؤمر عَقِبَ الطلاقِ لا بهذا ولا بهذا، عُلِمَ أنها ليست مطلقة، فدلَّ على أنه لا طلاقَ لها.
ومما يُوضِّح هذا أن الآية أمرت المطلقاتِ بتربصِ ثلاثة قروء،