وأما اشتراط الربح قبل أن يشتري البضاعة في مثل هذا، فلأن مقصودهما دراهم بدراهم إلى أجل. وأما إذا كان المشتري يشتري السلعة لينتفع بها أو يتّجر فيها، لا ليبيعها في الحال ويأخذ ثمنها، فهذا جائز، والربح عليه إن كان مضطرًا إليها يكون بالمعروف. فإذا اضطر الإنسان إلى طعام الغير أو شرابٍ عنده أو لباسٍ، كان عليه أن يبيعهم إياه بقيمة المثل، فيربح الربح المعروف، وكذلك يربح على المسترسل الذي لا يماكسه، كما يربح على سائر الناس، فإن غبن المسترسل ربًا.
وإذا تفرق المتبايعان عن تراضِ لزم، وكان على المشتري أن يوفيه جميع الثمن، ولا يحل له أن يمكسه شيئًا منه، بل لا يحل له أن يسأله أن يضع عنه شيئًا منه إذا كان غنيًا، فإن سؤال الغني لغيره حرام، وهذا يسأل غيره أن يسقط عنه حقّه. ولا يحلّ له أن يمكّن غلامَه أن يطلب منه شيئًا من الثمن، فإذا أعطاه البائع بطيب نفسه كان صدقةً عليه، والصدقة أوساخ الناس، فإن اختار أن يقبل أَوساخ الناس من غير حاجةٍ فقد رضي لنفسه بما لا يرضى به العاقل.
وأما إذا باعها إلى أجلٍ معلومٍ لمن ينتفع بها أو يتجر فيها، فجائز؛ فإن باعها مزايدة لم ينضبط ذلك، وإن باعها مرابحةً كان الربح ما يتفقان عليه ويرضيان إذا لم يكن المشتري مضطرًّا، وإن كان مضطرًّا ربح عليه ما يربحه على غير المضطرّ. والله أعلم.
آخرها، لله الحمد والمنّة، وصلواته على خير خلقه محمدٍ وآله وصحبه وسلَّم تسليمًا.
(علَّقها أحمد بن المحبّ من خطّ المجيب - رحمه الله - في ليلة حادي عشري رجب سنة 747).