صفوفهم ولا يُصلَّي معهم؟ وكذلك من يطوف بالهواء منِ الإنس، فقد رئيَ بعضُ هؤلاءِ في الهواء عند الكعبة، وتوضأ وسقط من وضوئه على الأرض، فأنكر عليه الرائي وأحسنَ في إنكارِه، فإن الصلاة والطواف في الهواء غير مشروع، بل يطوف بالأرض ماشيا أو راكبا لعذر، وكذلك الصلاة يصلّي على الأرض أو راكبًا لعذرٍ. فهذا هو الذي يكون عبادةً لله واتباعا لما أنزلَه ولرُسُلِه، وقد قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "من عملَ عملاً ليس عليه أمرُنا فهو ردّ" (?).
وحَمْلُ هؤلاء في الهواء ليس من كرامات أولياء الله، بل من تلعُّبِ الشياطين بهم وإضلالهم لهم، كما يفعل الشياطين بالمشركين والنصارى ونحوهم، يفعل بهم أعظم مما هو من هذا، وكذلك ما يفعل مع السحرة والكفان، كما قد بُسط في مواضع. وقد قال العفريتُ لسليمان لما قال: (يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39)) (?). فهذا يبين أن العفاريت يقدرون على مثل ذلك، لكن هذا كان لسليمان تسخيرًا من الله لسليمان، كما سخر له الريح غدوُّها شهر ورواحها شهر، والشياطين كل بناء وغوَّاص، وآخرين مقرنين في الأصفاد.
والشياطين أضلَّت كثيرًا من بني آدم، فذكروا لكثيرٍ من الإنس أن سليمان كان سَحَرَ الجن بأسماء وكلماتٍ يقوم بها وهي شرك، وكتبوا ذلك في كتب، وقد قيل: إنهم دفنوها، حتى ظهرتْ تلك الكتب، وقالوا: إن سليمان كان يسحر الجن بهذا، فصار أهلُ الضلالِ فريقَين: