يُحضِر له طعامًا أو شرابًا في الهواء، ويكون ذلك مما قد أخذه من بعض الأماكن، وكثير منه يكون مسروقًا قد سرقَه وأخذَه الشيطانُ من مالِ مَن خانَ شريكَه، أو من مالِ مَن لم يذكر اسمَ الله عليه.
وهؤلاء من جنس الكُهَّان، قد يُوحُون إلى أوليائهم من الإنس بعضَ ما يكاشفون به، ولابُدَّ أن يكذبوا في بعض ما يُخبِرون به، لكن ما كان مستورًا عنهم قد ذكَرَ صاحبُه عليه اسمَ الله لا يَرَونَه ولا يُخبِرون به. وهذا من الفروق بين إخبار هؤلاء وبين إخبار المسيح بما يأكلون ويدَّخرون في بيوتهم، فإن المسيح يُخبر بالبواطن التي تكون محجوبة عن الجنّ، كما يحجب عنهم الأشياء بذكر اسم الله تعالى. فالآكِل متى ذكرَ اسمِ الله لم يَشْرَكْه الشيطانُ في طعامِه، وإن سمَّى الله عند دخولِ المنزل لم يشركْه في دخولِ البيت، وإن لم يُسمِّ الله لا في هذا ولا هذا أدركَ المبيت والطعام، كما بيَّن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذلك في الحديث المعروف (?).
والمسيح يُخبر بذلك، وأيضًا فخبر المسيح صِدق كلُّه، ليس في شيء منه كذب، وهؤلاء الذين يُخبرون عن إعلام الشياطين لهم لابدَّ أن يكذبوا. قال تعالى: (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ (223)) (?). والكلام على جنس هذا وأقسامه مذكور في مواضع.
والمقصود أن مرور هؤلاء على المواقيت مع إرادة الوقوف بعرفة ليس مشروعًا بالإجماع، لا واجبًا ولا مستحبًّا، بل هو منهي عنه لا