فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً) إلى قوله (*وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (203)) (?).
فأمر سبحانَه الناسَ إذا أفاضوا من عرفات أن يذكروه عند المشعر الحرام، وهو مزدلفة كلها بالسنة واتفاق العلماء، كما قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في عرفة: "هذا الموقف، وعرفة كلها موقف، وارفعوا عن بطن عُرَنَة". وقال في مزدلفة: "هذا الموقف، ومزدلفة كلها موقف، وارفعوا عن بطن مُحَسَّر". وقال: "منى كلها مَنْحر، وفجاجُ مكة كلها منحر" (?). وأمر الناس بقضاء مناسكهم أي إتمامها وإكمالها. وأمرهم أن يذكروه في أيام معدودات، وهنّ أيام التشريق، وفيها يُرمَى الجمارُ الثلاث، ويُذكرَ اللهُ عند رمي الجمار بدعاءٍ بينَ كلّ جَمرتَيْن. ومزدلفةُ المبيتُ بها والوقوفُ بها ورَمْيُ الجمار بمنًى واجب عند العلماء قاطبة، ومنهم من جعلَ الوقوفَ بمزدلفةَ ركنًا.
فهذا الذي وقفَ بعرفةَ إن لم يفعل ما أمره الله من هذه الأعمال فقد عصى الله ورسولَه، وتَركَ ما أوجبَه الله. وإن فَعَلَ ذلك بغير إحرام، وقال: كنتُ حاجًّا، فهو أيضًا عاصٍ لله ورسوله، فإن هذه هي أفعال الحج، وليس للإنسان أن يأتي بالعبادة بلا قَصْدِ التعبد، فإنّ هذا استهزاءٌ بآيات الله. وهو بمنزلة من يقومُ ويَركعُ ويقرأ ويسجد، ويقول: لستُ مُصلِّيًا، فلا أحتاجُ إلى وضوء.