وأعظم مكارم الأخلاق تقوى الله، ولهذا روي عن الإمام أحمد أنه سئل عن الفتوة، فقال: ترك لما تخشى. وهذا من قوله: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41)) (?). ولهذا يقولون: إن هذه الآية تجمع علم الطريق، وصار يتكلم في الفتوة وما يدخل فيها من طوائف من المشايخ وغيرهم، وجماع الأمر المحمود يرجع إلى الأصلين، كما روى حديثًا صححه عن أبي هريرة أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِل ما أكثر ما يُدخِلُ الناس الجنة؟ فقال: تقوى الله وحسن الخلق، وسئل ما أكثر ما يُدْخل الناسَ النار؟ فقال: الأجوفان: الفم والفرج (?).
فتقوى الله وحسن الخلق يجمع كل خير، وقد قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (128)) (?). وسواء سمي ذلك فتوة أم لم يُسمَّ، فالاعتبار في الدين بالإخاء التي جاءت (?) في القرآن وما علق بها من مدح وذمّ، ووعدٍ ووعيد، وثواب وعقاب، فالممدوح مثل اسم الإيمان والإسلام والتقوى والإحسان والبر والصدق والعدل ونحو ذلك، والمذموم مثل الكفر والنفاق والفجور والإساءة والكذب والظلمِ والفواحش ونحو ذلك. فمن فعل ما يُحمَد عليه في القرآن حُمِد، ومن فعَل ما يُذَمُّ عليه في القرآن ذُمَّ، ومن فعل ما يُحمَد وما يُذَمُّ استحقَّ الحمد والذمّ جميعَا، (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (46)) (?).