بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
قال الشيخ الإمام العالم العلامة شيخُ الإسلام مفتي الأنام تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية الحراني رضي الله عنه.
فصل
جعل اللهُ سبحانَه وتعالى عبادَه المؤمنين بكل منزلة خيرًا منه، فهم دائمًا في نعمةٍ من ربهم، أصابَهم ما يُحِبَّون أو ما يكرهون، وجعل أقضيته وأقداره التي يقضيها لهم ويُقدرها عليهم متاجرَ يَربحون بها عليه، وطُرُقًا يصلون منها إليه، كما ثبت في الصحيح عَن إمامهم ومتبوعهم - الذي إذا دُعي يوم القيامة كل أناسٍ بإمامهم دُعُوا به صلواتُ الله وسلامه عليه - أنه قال (?): "عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله عجب، ما يقضي الله له من قضاء إلاّ كان خيرًا له، إن أصابته سرَّاءُ شكَرَ فكان خيرًا له، وإن أصابَتْه ضرَّاءُ صَبَر فكان خيرًا له".
فهذا الحديث يَعمُ جميعَ أَقضيتِه لعبده المؤمن، وأنها خير له إذا صبر على مكروهها وشكرَ لمحبوبها، بل هذا داخلٌ في مسمى الإيمان، فإنه كما قال السلف: الإيمان نصفان، نصفٌ صبر، ونصفٌ شكر.
كقوله تعالى: (إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور (5)) (?). وإذا اعتبر العبدُ الدينَ كلَّه رآه يَرجِعُ بجملته إلى الصبر والشكر، وذلك