(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى مِثْلِهِ) (?)، وقال: (أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرائيلَ) (?)، وقال: (أَم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط) إلى قوله: (ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله) (?).
فالقرآن قد أخبر الله فيه بأمور، وإخباره بها شهادته بها، وكفى بالله شهيدًا، فنفسُ إخباره وشهادته بما شهد به من أمر الربوبية والرسالة والثواب والعقاب وأحوال أوليائه وأعدائه كافٍ، وهو الطريق السمعية. وقد قال: (سنريهم آياتنا في الأفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق) (?). فهذه الطريق البصرية التي قد تُسمَّى العقل، وهو أن يرد في أنفسهم وفي الآفاق ما يدلُهم على مثل ما دلَّ عليه القرآن، فيروا حالَ المؤمنين بمحمدٍ وحالَ الكافرين به كما أُخْبِروا به عن المتقدمين، ويروا أيضًا حالَهم إذا آمنوا أو كفروا، ويروا أيضًا الدلائل الدالة على وحدانية الخالق وصفاته التي شهد بها الرب.
فالكلام في شيئين: في أن القرآن منزل من عند الله، وهذا قد شهد به الله بما أتى به، وسيُريهم آياتٍ يعاينونها تُبيِّن أنه منزل من عند الله. والثاني: الكلام فيما أخبر به القرآن أيضًا كما تقدم، وأن الحق يتناول نسبته إلى الله، ويتناول أنه صدق في نفسه، واللهُ شهيد بالأمرين، وقد أرى آياتِه على الأمرين.