يتغوط أو من لا يأكل ويشرب إلهًا. كما أنه [لو] استدلّ على انتفاء الإلهية بأنه لا يتكلم ولا يسمع ولا يبصر، كان دليلاً صحيحًا، ولم يلزم أن يكون كل من يتكلم ويسمع ويبصر إلهًا، بل انتفاءُ صفاتِ الكمالِ يناقض الإلهية، وإن كان ثبوت جنسها لا يستلزم إلهية. كما أنه إذا قيل: إن الإله يجب أن يكون موجودًا قائمًا بنفسه حيا عليمًا قديرًا، فانتفاءُ هذه الأمور يَستلزِم انتفاء الإلهية، ولا يستلزم أن يكون كل موجودٍ حيّ عليم قديرٍ إلهًا.
وأما إن أريد بهذا الوجه الذي ذكره ابن قتيبة وغيره من لزوم الحدث طردُ الدليل، فيحتاجون أن يُفسِّروا الحدثَ بجنس الخارج من الآكل الشارب، فإن أهل الجنة يأكلون ويشربون، ولا يبولون ولا يتغوطون، كما ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة (?)، لهم رشح كرشح المسك، وهذا من جنس العَرَق الذي يخرج من المَشَام. وهو أيضًا ينافي الصمدية، فإنّ الصمد هو الذي لا يدخل فيه شيء، ولا يخرج منه شيء، فخروج الخارج ولو كان كرشح المسك ينافي الصمدية التي هي من لوازم البارئ، فيكون لزوم الحدث للأكل دالاًّ على نفي إلهيته منْ هذه الجهة أيضًا. والصمدية هي المنافية للأكل والشرب وسائر ما يدخل ويخرج، كما قد بُسِطَ في تفسير السورة (?).
الوجه الثاني: أن هذه الآية لم تُسَقْ لبيان تنزُّهه عن الأكل، فإن