وقال رجلٌ لأبي أمامة: رأيتُ في المنام كأنَّ الملائكة تُصلِّي عليك، كلَّما دخلتَ، وكلما خرجتَ، وكلَّما قمتَ، وكلَّما جلستَ، فقال أبو أمامة: وأنتم لو شئتم، صلَّت عليكمُ الملائكةُ، ثم قرأ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ} خرَّجه
الحاكم (?) .
قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ومن بطَّأ به عملُه، لم يُسرِعْ به نسبه)) : معناه أنَّ العمل هو الذي يبلُغ بالعبدِ درجاتِ الآخرة، كما قال تعالى: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا
عَمِلُوا} (?) ، فمن أبطأ به عمله أنْ يبلُغَ به المنازلَ العالية عند الله تعالى، لم يُسرِعْ به نسبه، فيبلغه تلكَ الدَّرجاتِ، فإنَّ الله تعالى رتَّبَ الجزاءَ على الأعمال، لا على الأنساب، كما قال تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءلُونَ} (?) ، وقد أمر الله تعالى بالمسارعة إلى مغفرته ورحمته بالأعمال، كما قال: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ} (?) الآيتين، وقال: {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} (?) .
قال ابن مسعود: يأمر الله بالصراط، فيضرب على جهنَّم، فيمرُّ النَّاسُ على قدر أعمالهم زُمَراً زُمراً، أوائلُهم كلمح البرقِ، ثمَّ كمرِّ الرِّيحِ، ثمَّ كمرِّ الطَّير، ثمَّ كمرِّ البهائمِ، حتَّى يمرَّ الرَّجُلُ سعياً، وحتّى يمرَّ الرَّجلُ مشياً، حتَّى يمرَّ آخرُهم يتلبَّط على بطنِه، فيقول: