ومثلُ هذا لا بأس بالبحث عن أمره، لِتُقامَ عليه الحدودُ. صرَّح بذلك بعضُ أصحابنا، واستدلَّ بقولِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: ((واغدُ يا أُنيس على امرأةِ هذا، فإنِ اعترفت، فارجُمها)) (?) . ومثلُ هذا لا يُشفَعُ له إذا أُخِذَ، ولو لم يبلغِ السُّلطان، بل يُترك حتّى يُقامَ عليه الحدُّ لينكفَّ شرُّه، ويرتدعَ به أمثالُه. قال
مالك: من لم يُعْرَفْ منه أذى للناس، وإنَّما كانت منه زلَّةٌ، فلا بأس أنْ يُشفع له ما لم يبلغ الإمام، وأمَّا من عُرِفَ بشرٍّ أو فسادٍ، فلا أحبُّ أنْ يشفعَ له أحدٌ، ولكن يترك حتى يُقام عليه الحدُّ، حكاه ابن المنذر وغيره (?) .
وكره الإمام أحمد رفعَ الفسَّاق إلى السلطان بكلِّ حالٍ، وإنَّما كرهه؛ لأنَّهم غالباً لا يُقيمون الحدودَ على وجهها، ولهذا قال: إنْ علمتَ أنَّه يقيمُ عليه الحدَّ فارفعه، ثم ذكر أنَّهم ضربوا رجلاً، فمات: يعني لم يكن قتلُه جائزاً.
ولو تاب أحدٌ مِنَ الضَّرب الأوَّل، كان الأفضلُ له أن يتوبَ فيما بينه وبين الله تعالى، ويستر على نفسه.