أو لا يستحلف إلاَّ فيما يقضي فيه بالنُّكول كرواية عن أحمد؟ أو لا يستحلف إلا فيما يصحّ بذله كما هوَ المشهور عن أحمد؟ أو لا يستحلف إلاَّ في كلِّ دعوى لا تحتاجُ إلى شاهدين كما حُكي عن مالك؟
وأما حقوقُ الله - عز وجل -، فمن العلماءِ من قالَ: لا يُستحلفُ فيها بحالٍ، وهو
قولُ أصحابنا وغيرهم، ونصَّ عليهِ أحمدُ في الزَّكاة، وبه قالَ طاووسٌ، والثوريُّ
والحسن بن صالحٍ وغيرهم، وقال أبو حنيفة ومالكٌ واللَّيثُ والشافعيُّ: إذا اتُّهمَ،
فإنَّه يُستحلَفُ، وكذا حُكي عن الشَّافعي فيمن تزوَّجَ مَنْ لا تحلُّ لهُ، ثمَّ ادعى
الجهلَ: أنَّه يُحلَّفُ على دعواه، وكذا قالَ إسحاق في طلاق السَّكران: يحلف أنَّه
ما كان يعقل، وفي طلاق النَّاسي: يحلف على نسيانه، وكذا قال القاسمُ بن محمَّد وسالم بن عبد الله في رجل قال لامرأته: أنت طالقٌ: يحلفُ أنَّه ما أرادَ به الثَّلاثَ، وتردُّ إليه.
وخرَّج الطبراني (?) من رواية أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري قال: كان أُناسٌ مِنَ الأعراب يأتونَ بلحمٍ، فكان في أنفسنا منه شيءٌ، فذكرنا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ((اجْهَدُوا أيمانَهم أنَّهم ذبحوها، ثمَّ اذكُروا اسمَ اللهِ
وكلُوا)) وأبو هارون ضعيف جداً.
وأما المؤتمن في حُقوق الآدميِّينَ حيث قُبِلَ قولُه، فهل عليه يمين أم لا؟ فيه ثلاثةُ أقوال للعلماء:
أحدها: لا يمينَ عليه؛ لأنَّه صدَّقه بائتمانِه، ولا يمين مع التَّصديقِ، وبالقياسِ على الحاكم،