وهل تُردُّ وصيَّتُه إذا ثبتَ ذلك بإقراره أم لا؟ حكى ابنُ عطية روايةً عن مالكٍ أنَّها تُردُّ، وقيل: إنَّه قياسُ مذهب أحمد.
ومنها: في الرجعة في النِّكاح، قال تعالى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ
نَفْسَهُ} (?) ، وقال: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً} (?) فدلَّ ذلك على أنَّ من كان قصدُه بالرجعة المضارَّة، فإنَّه آثمٌ بذلك، وهذا كما كانوا في أوَّل الإسلام قبل حصر الطَّلاق في ثلاث يطلِّقُ الرَّجلُ امرأتَه، ثم يتركُها حتّى تقارب انقضاءَ عدَّتها، ثم يُراجعها، ثم يطلِّقُها، ويفعل ذلك أبداً بغير نهاية، فيدعُ المرأةَ لا مُطلَّقةً ولا ممسكةً، فأبطل الله ذلك، وحصر الطَّلاق في ثلاث مرات.
وذهب مالكٌ إلى أنَّ من راجع امرأته قبل انقضاء عدَّتها، ثم طلَّقها من غير مسيسٍ أنّه إن قصدَ بذلك مضارَّتها بتطويل العدَّةِ، لم تستأنف العدّة، وبنت على ما مضى منها، وإن لم يقصد بذلك، استأنفت عدَّةً جديدةً، وقيل: تبني مطلقاً، وهو قول عطاء وقتادة، والشّافعي في القديم، وأحمد في رواية، وقيل: تستأنف مطلقاً، وهو قول الأكثرين، منهم أبو قلابة والزُّهري والثوري وأبو حنيفة والشافعي - في الجديد - وأحمد في رواية وإسحاق وأبو عُبيد وغيرهم.
ومنها في الإيلاء، فإنَّ الله جعل مدَّة المؤلي أربعةَ أشهرٍ إذا حلف الرجل على امتناع وطءِ زوجته، فإنَّه يُضْرَبُ له مدَّة أربعة أشهر، فإن فاء ورجع إلى الوطءِ، كان ذلك توبته، وإن أصرَّ على الامتناع لم يُمكن من ذلك، وفيه قولان للسَّلف والخلف: أحدهما: أنَّها تَطلُقُ عليه بمضيِّ هذه المدة، والثاني: أنَّه يوقف، فإن فاء، وإلاَّ أُمِرَ بالطَّلاق، ولو ترك الوطءَ لقصدِ الإضرار بغيرِ يمينٍ مدَّة أربعة أشهر، فقال كثيرٌ من