ذلك قربَه وسهولته، وعلى جنبتي الصِّراط يمنة ويَسرة سوران، وهما حدودُ الله، وكما أنَّ السُّورَ يمنع من كان داخله مِن تعدِّيه ومجاوزته، فكذلك الإسلامُ يمنع من دخله من الخُروج عن حدوده ومجاوزتها، وليس وراءَ ما حدَّ الله من المأذونِ فيه إلاَّ ما نهى عنه، ولهذا مدح سبحانه الحافظينَ لحدوده، وذمَّ من لا يعرف حدَّ الحلال من الحرام، كما قال تعالى: {الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ} (?) . وقد تقدَّم حديث القرآن وأنَّه يقول لمن عمل به: حَفِظَ حدودي، ولمن لم يعمل به: تعدَّى حدودي.
والمراد: أنَّ من لم يُجاوز ما أُذِنَ له فيه إلى ما نُهِي عنه، فقد حفظ حدودَ الله، ومن تعدَّى ذلك، فقد تعدَّى حدود الله (?) (?) .
وقد تُطلق الحدودُ، ويراد بها نفسُ المحارم (?) ، وحينئذٍ فيقال: لا تقربوا
حدودَ الله، كما قال تعالى: {تِلْكَ حُدُوْدُ اللهِ فَلا تَقْرَبُوها} (?) ، والمراد: النَّهي عن ارتكاب ما نهى عنه في الآية من محظورات الصِّيام والاعتكاف في المساجد، ومن هذا المعنى - وهو تسميةُ المحارم حدوداً - قولُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: ((مَثَلُ القائمِ على حدودِ الله والمُدْهِنِ فيها، كمثل قوم اقتسموا سفينة)) (?) الحديث المشهور،