وأما حدودُ الله التي نهى عن اعتدائها، فالمرادُ بها جملة ما أَذِنَ في فعله، سواء كان على طريقِ الوجوبِ، أو الندب، أو الإباحة، واعتداؤها: هو تجاوزُ ذلك إلى ارتكاب ما نهى عنه، كما قال تعالى: {وتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} (?) والمراد: من طلَّقَ على غير ما أمرَ الله به وأذن فيه، وقال تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (?) ، والمراد: من أمسك بعد أنْ طلَّق بغير معروف، أو سرَّح بغير إحسانٍ، أو أخذ ممَّا أعطى المرأة شيئاً على غير وجه الفدية التي أذِنَ الله فيها.
وقال تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ} (?) إلى قوله: {وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} (?) ، والمراد: من تجاوز ما فرضه الله للورثة، ففضَّلَ وارثاً، وزاد على حقه، أو نقصه منه، ولهذا قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في خطبته في حجَّة الوداع: ((إنَّ الله قد أعطى كلَّ ذي حقٍّ حقَّه فلا وصية لوارث)) (?) .