وقد سُئِلَ مالك بنُ أنس عمن يقول ذلك، فكفَّره، فقيل له: إنَّه يتأوَّل، فلعنه، وقال: لقد قال قولاً عظيماً. وقد نقله أبو بكر النَّيسابوري في كتاب " مناقب مالك " من وجوه عنه (?) .
وروى أيضاً بإسناده عن عبد الله بن عمرو بن ميمون بن الرماح، قال: دخلتُ على مالكِ بن أنسٍ، فقلت: يا أبا عبد الله، ما في الصَّلاة من فريضةٍ وما فيها من سنةٍ، أو قال: نافلة؟ فقال مالك: كلامُ الزنادقة، أخرِجوه (?) .
ونقل إسحاق بن منصور، عن إسحاق بن راهويه: أنَّه أنكر تقسيمَ أجزاءِ الصَّلاة إلى سنَّةٍ وواجب، فقال: كلُّ ما في الصَّلاة، فهو واجبٌ، وأشار إلى أنَّ منه ما تُعادُ الصَّلاةُ بتركه، ومنه لا تعاد.
وسببُ هذا - والله أعلم - أنَّ التعبير بلفظ السُّنَّة قد يُفضي إلى التَّهاونِ بفعل
ذلك، وإلى الزُّهد فيه وتركه، وهذا خلافُ مقصودِ الشارع مِنَ الحثِّ عليه، والتَّرغيب فيه بالطُّرق المؤدِّيةِ إلى فعله وتحصيله، فإطلاقُ لفظ الواجب أَدْعى إلى الإتيان به، والرغبة فيه.
وقد ورد إطلاقُ الواجب في كلام الشَّارع على ما لا يأثمُ بتركه، ولا يُعاقب عليه عندَ الأكثرين (?) ، كغُسلِ الجمعة، وكذلك ليلة الضَّيفِ عندَ كثيرٍ من العلماء أو أكثرهم، وإنَّما المرادُ به المبالغةُ في الحثِّ على فعله وتأكيده.
وأمَّا المحارم: فهي التي حماها الله تعالى، ومنع من قُربانها وارتكابها
وانتهاكها (?) .