ولعلَّ أحمد يتوقَّفُ في إطلاقه الواجب على ما ليس بواجبٍ على الأعيان، بل على الكفاية.
وقد اختلف العلماءُ في الجهاد: هل هو واجبٌ أم لا؟ فأنكر جماعةٌ منهم وجوبَه (?) ، منهم: عطاء (?) ، وعمرو بنُ دينار (?) ، وابنُ شبرمة (?) ، ولعلَّهم أرادوا هذا المعنى، وقالت طائفة: هوَ واجبٌ، منهم: سعيدُ بن المسيّب (?) ، ومكحولٌ، ولعلَّهما أرادا وجوبَه على الكفاية.
وقال أحمد في رواية حَنْبل: الغزوُ واجبٌ على النَّاس كلِّهم كوجوبِ الحجِّ، فإذا غزا بعضهم أجزأ عنهم، ولابدَّ للناس من الغزو.
وسأله المروذي عن الجهاد: أفرضٌ هو؟ قالَ: قد اختلفوا فيهِ، وليس هوَ مثلَ الحجِّ، ومرادُه: أنَّ الحجَّ لا يسقطُ عمَّن لم يحجَّ مع الاستطاعة بحجِّ غيره، بخلاف الجهاد.
وسُئِلَ عن النَّفير: متى يجب؟ فقال: أما إيجابٌ فلا أدري، ولكن إذا خافوا على أنفسهم، فعليهم أنْ يخرُجوا.
وظاهر هذا التوقُّف في إطلاق لفظ الواجب (?) على ما لم يأت فيه لفظُ الإيجاب تورُّعاً، ولذلك توقَّف في إطلاق لفظ الحرام على ما اختُلِفَ فيه، وتعارضت أدلتُه من نصوص الكتاب أو السنة، فقال في متعة النساء: لا أقولُ: هي حرامٌ، ولكن يُنهى عنه، ولم يتوقَّف في معنى التحريم، ولكن في إطلاق لفظه؛ لاختلاف النصوص والصحابةِ فيها،