فأما الفرائض، فما فرضه الله على عباده وألزمهم القيام به، كالصلاة والزكاة والصيام والحجِّ.

وقد اختلفَ العلماء: هل الواجبُ والفرضُ بمعنى واحد أم لا؟ فمنهم من

قال: هما سواء، وكلُّ واجب بدليلٍ شرعي من كتابٍ، أو سنةٍ، أو إجماعٍ، أو غير ذلك من أدلة الشرع، فهو فرضٌ، وهو المشهور عن أصحاب الشَّافعي

وغيرهم (?) ، وحُكي رواية عن أحمد؛ لأنَّه قال: كلُّ ما في الصلاة فهو فرضٌ.

ومنهم من قال: بل الفرضُ ما ثبتَ بدليلٍ مقطوعٍ به (?) ، والواجبُ ما ثبت بغير مقطوع به، وهو قولُ الحنفيَّةِ وغيرهم (?) .

وأكثرُ النُّصوص عن أحمد تُفرِّق بين الفرض والواجب (?) ، فنقل جماعةٌ

مِنْ أصحابه عنه أنَّه قال: لا يُسمَّى فرضاً إلا ما كان في كتاب الله تعالى، وقال

في صدقة الفطر: ما أجترئ أنْ أقول: إنَّها فرضٌ (?) ، مع أنَّه يقول بوجوبها،

فمِنْ أصحابنا مَنْ قال: مراده أنَّ الفرض: ما ثبت بالكتاب، والواجب: ما

ثبت بالسنَّة، ومنهم من قال: أراد أنَّ الفرض: ما ثبت بالاستفاضة والنَّقل

المتواتر، والواجب: ما ثبت مِنْ جهة الاجتهاد، وساغ الخلافُ في

وجوبه (?) .

ويُشْكِلُ على هذا أنَّ أحمد قال في رواية الميموني في برِّ الوالدين: ليس بفرضٍ، ولكن أقولُ: واجبٌ ما لم يكن معصية، وبرُّ الوالدين مجمَعٌ على وجوبه، وقد كثُرتِ الأوامرُ به في الكتاب والسُّنَّة، فظاهرُ هذا أنَّه لا يقول: فرضاً إلاَّ ما ورد في الكتاب والسُّنة تسميته فرضاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015