عَنِ الإسلامِ والإيمانِ، وتفريق النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بينهما، وإدخاله الأعمالَ في مُسمَّى الإسلامِ دونَ مُسمَّى الإيمانِ، فإنَّه يتضح بتقريرِ أصلٍ، وهو أنّ مِنَ الأسماءِ ما يكونُ شاملاً لمسمّياتٍ مُتعدِّدةٍ عندَ إفرادِه وإطلاقه، فإذا قرن ذلك الاسم بغيره صار دالاًّ على بعضِ تلك المسمَّياتِ، والاسمُ المقرونُ به دالٌّ على باقيها، وهذا كاسم الفقيرِ والمسكينِ، فإذا أُفردَ أحدُهما دخل فيه كلُّ مَنْ هو محتاجٌ، فإذا قُرن أحدُهما بالآخر دلَّ أحدُ الاسمين على بعضِ أنواعِ ذوي الحاجاتِ (?) ، والآخر على باقيها، فهكذا اسمُ الإسلامِ والإيمانِ: إذا أُفرد أحدُهما، دخل فيه الآخر، ودلّ بانفرادِه على ما يدلُّ عليه الآخرُ (?) بانفراده، فإذا قُرِنَ بينَهُما دلّ أحدُهما على بعض ما يدلُّ عليه بانفرادهِ، ودلَّ الآخر على الباقي (?) .
وقد صرَّح بهذا المعنى جماعةٌ مِنَ الأئمّةِ. قال أبو بكر الإسماعيليُّ في رسالته إلى أهل الجبل: قال كثيرٌ مِنْ أهلِ السُّنَّةِ والجماعة: إنّ الإيمانَ قولٌ وعملٌ (?) ، والإسلام فعل ما فُرِضَ على الإنسانِ أنْ يفعَله إذا ذكر كلُّ اسمٍ على حِدَتِه مضموماً إلى
الآخر، فقيل: المؤمنونَ والمسلمونَ جميعاً مفردين، أُريدَ بأحدهما معنى لم يُرَدْ بالآخر، وإذا ذُكِرَ أحدُ الاسمين، شَمِلَ (?) الكُلَّ وعمَّهم (?) .
وقد ذكر هذا المعنى أيضاً الخطابيُّ في كتابه " معالم السنن " (?) ، وتَبِعَهُ عليه جماعةٌ من العُلَماء من بعده.
ويدلُّ على صحَّةِ ذلك أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَّرَ الإيمانَ عند ذكرِه مفرداً في حديث وفد عبدِ القيسِ بما فسّر به الإسلامَ المقرونَ بالإيمانِ في حديثِ جبريلَ (?) ، وفسَّر في حديثٍ آخرَ الإسلامَ بما فسّر به الإيمانَ، كما في " مسند الإمام