أسألَكَ عن كلمةٍ (?) قد أمرضَتنِي وأسقمتني وأحزنتني، قال: ((سل عمَّا شئتَ)) ، قال: أخبرني بعملٍ يدخلُنِي الجنَّة لا أسألكَ غيرَه، وهذا يدلُّ على شدَّةِ اهتمامِ معاذٍ - رضي الله عنه - بالأعمال الصَّالحة، وفيه دليلٌ على أنَّ الأعمالَ سببٌ لدخول الجنَّة، كما قال تعالى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (?) .
وأما قولُه - صلى الله عليه وسلم -: ((لَنْ يدخُلَ أحدٌ منكُمُ الجنَّة بِعمَلِه)) (?) فالمراد - والله أعلم - أنَّ العملَ بنفسه لا يستحقُّ به أحدٌ الجنَّة لولا أنَّ الله جعله - بفضله ورحمته - سبباً لذلك، والعملُ نفسُه من رحمة الله وفضله على عبده، فالجنَّةُ وأسبابُها كلٌّ من فضل الله ورحمته.
وقوله: ((لقد سألتَ عن عظيم)) قد سبق في شرح الحديث المشار إليه أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال لِرجل سأله عن مثل هذا: ((لئن كُنتَ أوجزت المسألة، لقد أعظمتَ
وأطولتَ)) (?) ، وذلك لأنَّ دخولَ الجنَّة والنَّجاةَ من النار أمرٌ عظيم جداً، ولأجله أنزل الله الكتب، وأرسلَ الرُّسلَ، وقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لرجلٍ: ((كيف تقولُ إذا
صلَّيتَ؟)) قال: أسألُ الله الجنَّة، وأعوذُ به من النار، ولا أُحسِنُ دندنَتَك (?) ولا دندَنَة مُعاذ، يشير إلى كثرة دعائهما واجتهادهما في المسألة، فقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:
((حَوْلَها نُدَندِن)) .