وقد اختلف العلماء في إجماع الخُلفاء الأربعة: هل هو إجماعٌ، أو حُجَّةٌ، مع مخالفة غيرهم مِنَ الصَّحابة أم لا؟ وفيه روايتان عن الإمام أحمد (?) ، وحكم أبو خازم الحنفي في زمن المعتضد بتوريث ذوي الأرحام، ولم يعتدَّ بمن خالف الخُلفاء، ونفذ حكمه بذلك في الآفاق.
ولو قال بعضُ الخلفاء الأربعة قولاً، ولم يُخالفه منهم أحدٌ، بل خالفه غيرُه من الصَّحابة، فهل يقدم قولُه على قول غيره؟ فيه قولان أيضاً للعلماء، والمنصوصُ عن أحمد أنَّه يُقدمُ قوله على قولِ غيره من الصَّحابة، وكذا ذكره الخطابيُّ (?) وغيره، وكلامُ أكثرِ السَّلفِ يدلُّ على ذلك، خصوصاً عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، فإنَّه روي عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من وجوه أنَّه قال: ((إنَّ الله جعل الحقَّ على لسان عمرَ وقلبِه)) (?) . وكان عمرُ بن عبد العزيز يتَّبع أحكامَه، ويستدلُّ بقولِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ الله جعلَ الحقَّ على لسان عمرَ وقلبه)) .
وقال مالكٌ: قال عمرُ بنُ عبد العزيز: سنَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وولاةُ الأمر من بعده سُنناً، الأخذُ بها اعتصامٌ بكتابِ الله، وقوَّةٌ على دين الله، ليس لأحدٍ تبديلُها، ولا تغييرُها، ولا النظرُ في أمرٍ خالفَها، مَنِ اهتدى بها، فهو مهتدٍ، ومن استنصر بها، فهو منصور، ومن تركها واتَّبع غيرَ سبيل المؤمنين، ولاَّه اللهُ ما تولَّى، وأصلاه جهنَّم، وساءت مصيراً (?) .