وأما الإيمانُ، فقد فسَّره النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث بالاعتقادات الباطِنَة، فقال: ((أنْ تُؤْمِن باللهِ، وملائكتِه، وكُتبِه، ورُسلِهِ، والبعثِ بعدَ الموتِ، وتُؤْمِنَ بالقدرِ خيرِهِ وشرِّه)) .
وقد ذكرَ الله في كتابه الإيمانَ بهذه الأصولِ الخمسةِ في مواضع، كقوله تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} (?) . وقال تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} (?) ، وقال تعالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} (?) .
والإيمان بالرُّسُل يلزمُ منهُ الإيمانُ بجميع ما أخبرُوا به من المَلائكةِ، والأنبياء، والكتابِ (?) ، والبعثِ، والقدرِ، وغير ذلك من تفاصيل ما أخبروا به مِنْ صفات الله
تعالى وصفات اليوم الآخر، كالميزانِ والصراطِ، والجنَّةِ، والنَّار.
وقد أُدخِلَ في هذه الآيات الإيمانُ بالقدرِ خيرِه وشرِّه، ولأجلِ هذه الكلمةِ روى ابنُ عمر هذا الحديث محتجّاً به على مَنْ أنكَرَ القدرَ، وزعمَ أنَّ الأمرَ
أنفٌ: يعني أنّه (?) مستأَنَفٌ لم يسبق به سابقُ قدرٍ مِنَ اللهِ عز وجل، وقد غلَّظ
ابنُ عمرَ عليهم، وتبرّأ منهم، وأخبرَ أنّه لا تُقبلُ منهم أعمالُهم بدونِ الإيمانِ بالقدر (?) .