فقد يكون المرادُ بالبرِّ معاملةَ الخلق بالإحسّان، وبالتَّقوى: معاملة الحقِّ بفعل طاعته، واجتناب محرَّماته، وقد يكونُ أُريد بالبرِّ: فعل الواجبات، وبالتقوى: اجتناب المحرَّمات (?) ، وقوله تعالى: {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ
وَالْعُدْوَانِ} (?) قد يُراد بالإثم: المعاصي، وبالعدوان: ظُلم الخلق، وقد يُراد بالإثم: ما هو محرَّم في نفسه كالزِّنى، والسرقة، وشُرب الخمر، وبالعُدوان: تجاوز ما أذن فيه إلى ما نُهي عنه ممَّا جنسُه مأذونٌ فيه، كقتل مَن أُبيح قتلُه لِقِصاصٍ، ومن لا يُباح، وأخذُ زيادة على الواجب من الناس في الزكاة ونحوها، ومجاوزة الجلد في الذي أمر به في الحدود ونحو ذلك (?) .
والمعنى الثاني من معنى البرِّ: أنْ يُراد به فعلُ جميع الطاعات الظاهرة والباطنة (?) ، كقوله تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ
السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} (?) ، وقد رُوي أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الإيمان، فتلا هذه الآية (?) .
فالبرُّ بهذا المعنى يدخل فيه جميعُ الطاعات الباطنة كالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، والطاعات الظاهرة كإنفاق الأموال فيما يحبُّه الله، وإقام الصَّلاة،