تُنفِقَ نفقةً تبتغي بها وجهَ اللهِ إلا أُجِرتَ عليها، حتَّى اللُّقمة ترفعها إلى في امرأتك)) (?) ، وهو مقيَّدٌ بإخلاص النية لله، فتحمل الأحاديثُ المطلقة عليه، والله أعلم.
ويدلُّ عليهِ أيضاً قولُ الله - عز وجل -: {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} (?) ، فجعل ذَلِكَ خيراً، ولم يرتِّب عليهِ الأجرَ إلا مع نية
الإخلاصِ. وأمَّا إذا فعله رياءً، فإنَّه يُعاقب عليهِ، وإنَّما مَحَلُّ التردُّد إذا فعله بغيرِ نيَّةٍ صالحةٍ ولا فاسدة. وقد قالَ أبو سليمان الداراني: من عَمِلَ عَمَلَ خيرٍ من غير نية كفاه نيَّة اختيارِه للإسلام على غيرِه منَ الأديان (?) ، وظاهر هذا أنَّه يُثاب عليهِ من غيرِ نيَّةٍ بالكلية؛ لأنَّه بدخوله في الإسلام مختارٌ لأعمالِ الخيرِ في الجُملة، فيثابُ على كُلِّ عَملٍ يعملُه منها بتلك النية، والله أعلم.
وقوله: ((أرأيت لو وضعها في الحرام، أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا
وضعها في الحلال، كان له أجر)) . هذا يُسمَّى عندَ الأصوليين قياسَ العكس،
ومنه قولُ ابن مسعودٍ، قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - كلمةً وقلتُ أنا أخرى، قال: ((من مات يُشرِكُ بالله شيئاً دخل النار)) ، وقلت: من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل
الجنة (?) .