وفي هذا الحديث: أنَّ الفقراء غَبَطوا أهل الدُّثور - والدُّثور: هي ... الأموال (?) - بما يحصُلُ لهم مِنْ أجرِ الصدقة بأموالهم، فدلَّهمُ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على صدقاتٍ يقدِرُون عليها.
وفي " الصحيحين " (?) عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة: أنَّ فقراءَ المهاجرين أتَوا النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: ذَهَبَ أهلُ الدُّثورِ بالدرجات العُلى والنعيمِ المقيمِ، فقال: ((وما ذاك؟)) قالوا: يُصلُّون كما نُصلِّي، ويصومون كما نصوم، ويتصدَّقون ولا نتصدَّق، ويَعتِقون ولا نَعتِق، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أفلا أُعَلِّمُكم شيئاً
تُدرِكُونَ به مَنْ قد سَبَقَكُم، وتسبِقونَ به من بَعدكم، ولا يكون أحدٌ
أفضلَ منكم إلا مَنْ صنع مثل ما صنعتم؟ قالوا: بلى يا رسولَ الله، قال
: ((تُسبِّحونَ وتُكبِّرونَ وتحمَدُونَ دُبُرَ كلِّ صلاة ثلاثاً وثلاثين مرَّة)) ، قال أبو
صالح: فرجع فقراءُ المهاجرين إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: سمع إخواننا أهلُ الأموالِ بما فعلنا ففعلوا مثله، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: {ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ
يَشَاءُ} (?) .
وقد روي نحو هذا الحديث من رواية جماعة من الصحابة منهم: علي (?) ،
وأبو ذر (?) ، وأبو الدرداء (?) ، وابن عمر (?) ، وابن عباس (?) ، وغيرهم.
ومعنى هذا أنَّ الفقراء ظنُّوا أنْ لا صدقةَ إلاَّ بالمال، وهم عاجزون عن ذلك، فأخبرهُم النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّ جميعَ أنواع فعلِ المعروف والإحسّان صدقة. وفي " صحيح مسلم " (?) عن حذيفة، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: ((كلُّ معروفٍ صدقةٌ)) .