واختلفَ المتأخِّرون من الفُقهاء في التَّلفُّظ بالنِّيَّة في الصَّلاة

وغيرها، فمنهم مَنِ استحبَّه، ومنهم مَنْ كرهه (?) .

ولا يُعلمُ في هذه المسائل نقلٌ خاصٌّ عنِ السَّلفِ، ولا عن الأئمَّةِ إلاَّ في

الحَجِّ وحدَهُ، فإنَّ مُجاهداً قال: إذا أراد الحجَّ، يُسمِّي ما يُهلُّ به، ورُوي عنه أنَّه

قال: يسمِّيه في التَّلبيةِ، وهذا ليس مِمَّا نحنُ فيه، فإنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يذكرُ

نُسُكَه في تلبيته، فيقول: ((لَبَّيكَ عُمْرةً وحَجّاً)) (?) ، وإنَّما كلامُنا أنّه يقولُ عندَ إرادةِ عقدِ الإحرامِ: اللَّهُمَّ إنِّي أُريدُ الحجَّ أو العمرةَ، كما استَحَبَّ ذلك كثيرٌ من الفُقهاءِ (?) ،

وكلامُ مجاهدٍ ليس صريحاً في ذلك. وقال أكثر السَّلفِ، منهم عطاءٌ وطاووسٌ والقاسمُ بنُ محمدٍ والنَّخعيُّ: تجزئه النِّيَّةُ عندَ الإهلالِ، وصحَّ عَنِ ابنِ عمرَ أنَّه سمعَ رجُلاً عندَ إحرامِهِ يقولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أريدُ الحجَّ أو العمرةَ، فقال له: أتعلمُ النَّاس؟ أو ليسَ الله يعلمُ ما في نَفسكَ؟ (?)

ونصَّ مالكٌ على مِثلِ هذا، وأنَّه لا يستحبُّ لهُ أنْ يُسمِّيَ ما أحرمَ به. حكاه

صاحب كتاب " تهذيب المدونة " مِنْ أصحابه (?) ، وقال أبو داود: قلتُ لأحمدَ: أتقولُ قبلَ التَّكبير -يعني: في الصَّلاة- شيئاً؟ قال: لا، وهذا قد يدخُلُ فيه أنّه لا يتلَّفظُ بالنِّيَّةِ، والله أعلم (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015