خلقه من الفجور، لم ينقص ذلك من ملكه شيئاً، فدلَّ على أنَّ ملكه كاملٌ على أيِّ وجهٍ كان لا يزداد ولا يكمل بالطاعات، ولا يَنقُصُ بالمعاصي، ولا يؤثِّرُ فيه شيء.
وفي هذا الكلام دليلٌ على أنَّ الأصل في التَّقوى والفجور هو القلبُ، فإذا برَّ القلبُ واتَّقي برَّت الجوارحُ، وإذا فجر القلب، فجرت الجوارحُ، كما قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((التقوى هاهنا)) ، وأشار إلى صدره (?) .
قوله: ((يا عبادي، لو أنَّ أوَّلكم وآخركم وإنسَكُم وجنَّكم قاموا في صعيدٍ
واحدٍ، فسألوني، فأعطيتُ كُلَّ إنسانٍ مسألته، ما نقصَ ذلك ممَّا عندي إلاَّ كما ينقصُ المِخْيَطُ إذا أُدخِلَ البحرَ)) المرادُ بهذا ذكرُ كمال (?) قدرته سبحانه، وكمال ملكه، وإنَّ مُلكَهُ وخزائنَه لا تَنفَدُ، ولا تَنقُصُ بالعطاء، ولو أعطى الأوَّلين والآخرين من الجنِّ والإنس جميعَ ما سألوه في مقامٍ واحدٍ، وفي ذلك حثٌّ للخلق على سؤالِه وإنزالِ حوائجهم به، وفي " الصحيحين " (?) عن أبي هريرة، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: