مَنْ ذا الذي دعاني فلم أُلبِّه؟ أم مَنْ ذا الذي سألني فلم أعطِه؟ أم من الذي أناخ ببابي فنحَّيتُه؟ أنا الفضلُ، ومنِّي الفضل، أنا الجوادُ، ومنِّي الجودُ، أنا ... الكريمُ، ومنِّي الكرمُ، ومن كرمي أنْ أغفرَ للعاصين بعد المعاصي (?) ، ومن كرمي أنْ أُعطي العبد ما سألني، وأُعطيه ما لم يسألني، ومن كرمي أنْ أُعطي التَّائبَ كأنَّه لم يعصني، فأين عني يهرُبُ الخلائقُ؟ وأين عن بابي يتنحَّى العاصون (?) ؟ خرَّجه أبو نعيم (?) .
ولبعضهم في المعنى:
أسأتُ ولم أُحْسِنْ وجئتُكَ تائباً ... وأنَّى لِعَبْدٍ عن مواليه مَهْرَبُ
يُؤَمِّلُ غُفَراناً فإنْ خَابَ ظَنُّه ... فما أَحَدٌ منه على الأرضِ أخيبُ
فقوله بعد هذا: ((يا عبادي، لو أنَّ أوَّلكم وآخرَكُم وإنسكم وجِنَّكم كانوا على أتقى قلبِ رجلٍ واحدٍ منكم، ما زاد ذلك في مُلكي شيئاً، ولو كانوا على أفجر قلبِ رجلٍ منكم، ما نقص ذلك من مُلكي شيئاً)) : هو إشارةٌ إلى أنَّ مُلكه لا يزيدُ بطاعة الخلق، ولو كانوا كلُّهم بررةً أتقياءَ، قلوبُهم على قلب أتقى رجلٍ منهم، ولا يَنْقُصُ مُلكُهُ بمعصية العاصين، ولو كان الجنُّ والإنسُ كلُّهم عصاةً فجرةً قلوبُهم على قلبِ أفجرِ رجلٍ منهم، فإنَّه سبحانه الغنيُّ بذاته عمَّن سواه، وله الكمالُ المطلق في ذاته وصفاته وأفعاله، فَمُلكُهُ ملكٌ كاملٌ لا نقص فيه بوجه من الوجوه على أيِّ وجهٍ كان.