وفي روايةٍ خرَّجها الطبراني: ((الناس غاديان، فبائعٌ نفسه فموبِقُها، وفادٍ نفسه فمُعتِقها)) . وقال الله - عز وجل -: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ ... دَسَّاهَا} (?) ، والمعنى: قد أفلح من زكى نفسَه بطاعة الله، وخابَ من دسَّاها بالمعاصي، فالطاعةُ تُزكي النفس وتُطهرها، فترتفع، والمعاصي تُدسِّي النفس، وتقمعها، فتنخفض، وتصيرُ كالذي يُدسُّ في التراب.
ودلَّ الحديثُ على أن كلَّ إنسان فهو ساعٍ في هلاك نفسه، أو في فِكاكِها، فمن سعى في طاعة الله، فقد باع نفسَه للهِ، وأعتقها من عذابه، ومن سعى في معصيةِ الله، فقد باعَ نفسَه بالهوان، وأوبقها بالآثام الموجبة لغضب الله وعقابه، قال الله - عز وجل -: {إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} إلى قوله: {فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (?) ، وقال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ} (?) ، وقال تعالى: {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} (?) .
وفي " الصحيحين " (?) عن أبي هُريرة، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حين أُنْزِل عليه: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} (?) : ((يا معشرَ قريشٍ، اشترُوا أنفسَكُم مِنَ اللهِ،