وربما عُسر الوقوف على سرِّ كونه نصفَ الصبر أكثر من عُسر الوقوف على سرِّ (?) كونِ الطهور شطر الإيمان، والله أعلم.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((والقرآنُ حجةٌ لك أو عليك)) ، قال الله - عز وجل -: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً} (?) . قال بعضُ السَّلف: ما جالسَ أحدٌ القرآنَ فقام عنه سالماً؛ بل إمَّا أنْ يربح أو أنْ يخسرَ، ثمَّ تلا هذه الآية (?) .
وروى عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جَدِّه، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((يُمَثَّلُ القُرآن يومَ القيامة رجلاً، فيؤتى بالرَّجُلِ قد حمله، فخالف أمره، فيتمثَّلُ له خصماً، فيقول: يا ربِّ حمَّلتَه إيَّاي فشَرُّ حاملٍ تعدَّى حدودي، وضيَّع فرائضي، وركب معصيتي، وترك طاعتي، فما يزال يقذف عليه بالحُجَجِ حتَّى يقالَ: شأنك به، فيأخذ بيده، فما يرسلُه حتَّى يكبَّه على مِنخَرِه في النّار، ويُؤتى بالرَّجل الصَّالح كان قد حمله، وحفظ أمرَهُ، فيمتثلُ خصماً دونه، فيقول: يا ربِّ، حمَّلتَه إيَّاي، فخيرُ حاملٍ: حفظ حدودي، وعمل بفرائضي، واجتنب معصيتي، واتَّبع طاعتي، فما يزالُ يقذف له بالحجج حتى يقال: شأنك به، فيأخذه بيده، فما يرسلُه حتى يُلبِسَه حلَّة الإستبرق، ويعقد عليه تاجَ المُلك، ويسقيه كأسَ الخمر)) (?) .
وقال ابنُ مسعود: ((القرآنُ شافع مُشفَّع وماحلٌ مصدَّق، فمن جعله أمامَه، قادَه إلى الجنَّةِ، ومن جعله خَلْفَ ظهره، قاده إلى النار)) (?) .
وعنه قال: ((يجيءُ القرآنُ يومَ القيامة، فيشفع لِصاحبه، فيكون قائداً إلى الجنَّة، أو يشهد عليه، فيكون سائقاً إلى النار)) (?) .