فقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((الطهور شطرُ الإيمان)) فسر بعضهم الطهورَ هاهنا بتركِ الذُّنوب، كما في قوله تعالى: {إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُون} (?) ، وقوله: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} (?) ، وقوله: {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} (?) .
وقال: الإيمانُ نوعان: فعلٌ وترك، فنصفُه: فعلُ المأموراتِ، ونصفُه: ترك المحظورات، وهو تطهيرُ النفس بترك المعاصي، وهذا القولُ محتمل لولا أنَّ رواية:
((الوضوء شطرُ الإيمان)) تردُّه، وكذلك رواية: ((إسباغ الوضوء)) .
وأيضاً، ففيه نظرٌ من جهة المعنى، فإنَّ كثيراً من الأعمال تُطَهِّرُ النفس مِنَ الذُّنوبِ السابقة، كالصلاة، فكيف لا تدخل في اسم الطُّهور، ومتى دخلت الأعمالُ، أو بعضُها، في اسم الطُّهور، لم يتحقَّقْ كونُ تركِ الذنوبِ شَطْرَ الإيمان.
والصحيح الذي عليه الأكثرون: أنَّ المراد بالطهور هاهنا: التَّطهُّر بالماء من الأحداث، وكذلك بدأ مسلمٌ بتخريجه في أبواب الوضوء (?) ، وكذلك خرَّجه النَّسائي وابن ماجه (?) وغيرهما، وعلى هذا، فاختلف الناسُ في معنى كون الطهور بالماء شطرَ الإيمان.