للصَّلاةِ هل هي عبادةٌ مستقلةٌ، أم هي شرطٌ من شروطِ الصَّلاةِ، كإزالةِ
النَّجاسةِ، وسَترِ العورةِ؟ فمن لم يشترط لها النِّيَّةَ، جعلها كسائرِ شُروطِ الصَّلاةِ،
ومَنِ اشترطَ لها النِّيَّةَ، جعلها عبادةً مُستقلَّةً، فإذا كانت عبادةً في نفسها، لم تصحَّ
بدونِ نيّةٍ، وهذا قولُ جمهور العلماءِ (?) ،
ويدلُّ على صحَّةِ ذلك تكاثرُ النُّصوصِ الصَّحيحةِ عَنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: بأنَّ الوُضوءَ يكفِّر الذُّنوبَ والخطايا، وأنَّ (?) مَنْ توضَّأ كما أُمِرَ، كان كفَّارةً لذُنوبه (?) .
وهذا يدلُّ على أنَّ الوُضوءَ المأمورَ به في القرآنِ عبادةٌ مستقلَّةٌ (?) بنفسها، حيث رتَّب عليه تكفيرَ الذنوبِ، والوضوءُ الخالي عن النِّيَّةِ لا يُكفِّرُ شيئاً من الذُّنوبِ
بالاتِّفاقِ (?) ، فلا يكونُ مأموراً به، ولا تصحُّ به الصَّلاةُ، ولهذا لم يَرِد في شيءٍ من
بقيَّةِ شرائطِ الصلاةِ، كإزالةِ النَّجاسةِ، وسترِ العورةِ ما ورد في الوُضوءِ مِنَ الثَّوابِ (?) ، ولو شَرَكَ بينَ نيَّةِ الوُضوءِ، وبينَ قصدِ التَّبرُّد، أو إزالةِ النَّجاسةِ، أو الوسخِ، أجزأه في المنصوصِ عن الشَّافعيِّ (?) ، وهذا (?) قولُ أكثرِ أصحابِ أحمدَ (?) ؛ لأنَّ هذا القصدَ (?) ليسَ بمحرَّمٍ، ولا مَكروهٍ، ولهذا لو قصدَ مع رفعِ الحدثِ تعليمَ الوضوءِ، لم يضرَّهُ ذلك. وقد كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقصِدُ أحياناً (?) بالصلاةِ تعليمَها للنَّاس، وكذلك الحجُّ، كما قال: