فهذا يُنافي الاستقامة على التوحيد.
وأما على رواية من روى: ((قُلْ: آمنْتُ بالله)) فالمعنى أظهر؛ لأنَّ الإيمانَ يدخل فيه الأعمالُ الصالحة عند السَّلف ومن تابعهم من أهلِ الحديث (?) ، وقال الله
- عز وجل -: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (?) .
فأمره أنْ يستقيمَ هوَ ومن تاب معه، وأنْ لا يُجاوزوا ما أُمِروا به، وهو الطغيانُ، وأخبر أنَّه بصيرٌ بأعمالهم، مطَّلعٌ عليها، وقال تعالى: {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ} (?) . قال قتادة: أُمِرَ محمد - صلى الله عليه وسلم - أنْ يستقيمَ على أمر الله. وقال الثوري: على القرآن (?) ، وعن الحسن، قال: لما نزلت هذه الآية شَمَّرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فما رؤي ضاحكاً. خرَّجه ابن أبي حاتم (?) .
وذكر القُشَيْريُّ وغيره عن بعضهم: أنَّه رأى النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في المنام، فقال له: يا رسولَ الله قلتَ: ((شَيَّبَتني هُودٌ وأخواتُها)) ، فما شيَّبك منها؟ قال: ((قوله
{فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} )) (?) .
وقال - عز وجل -: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ} (?) .
وقد أمرَ الله تعالى بإقامةِ الدِّين عموماً كما قال: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا