وأيضاً فإنَّ المؤمن إذا استبطأ الفرج، وأيس منه بعدَ كثرة دعائه وتضرُّعه، ولم يظهر عليه أثرُ الإجابة يرجع إلى نفسه باللائمة، وقال لها: إنَّما أُتيتُ من قِبَلِكَ، ولو كان فيك خيرٌ لأُجِبْتُ، وهذا اللومُ أحبُّ إلى الله من كثيرٍ من الطَّاعاتِ، فإنَّه يُوجبُ انكسار العبد لمولاه واعترافه له بأنَّه أهلٌ لما نزل به من البلاء، وأنَّه ليس بأهلٍ لإجابة الدعاء، فلذلك تُسرِعُ إليه حينئذٍ إجابةُ الدعاء وتفريجُ الكرب، فإنَّه تعالى عندَ المنكسرةِ قلوبهم من أجله.

قال وهب: تعبَّدَ رجل زماناً، ثم بدت له إلى الله حاجةٌ، فصام سبعين سبتاً، يأكلُ في كُلِّ سبتٍ إحدى عشرة تمرة، ثم سأل الله حاجته فلم يُعطَها، فرجع إلى نفسه فقال: منك أُتيتُ، لو كان فيك خيرٌ، أعطيت حاجتك، فنَزل إليه عند ذلك مَلَكٌ، فقال: يا ابنَ آدم ساعتُك هذه خيرٌ من عبادتك التي مضت، وقد قضى الله حاجتك. خرَّجه ابن أبي الدنيا.

ولبعضِ المتقدمينَ في هذا المعنى شعرٌ (?) :

عسى ما ترى أنْ لا يَدومَ وأنْ تَرَى ... لهُ فَرجاً مِمَّا أَلحَّ به الدَّهرُ

عَسى فَرَجٌ يأتِي به الله إنَّه ... لَهُ كُلَّ يَومٍ في خَليقتِهِ أَمْرُ

إذا لاح عسرٌ فارجُ يُسراً فإنَّه ... قَضَى الله أنَّ العُسرَ يَتبَعُهُ اليُسرُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015