وسئل بعضُ التابعينَ عن حاله في مرضه، فقال: أحبُّه إليه أحبُّه إليَّ (?) . وسُئلَ السريّ: هل يجد المحبُّ ألم البلاء؟ فقالَ: لا. وقال بعضهم:
عذابُه فيكَ عَذْبُ ... وبُعْدُهُ فيكَ قُرْبُ
وأَنْتَ عِندي كرُوحي ... بل أَنْتَ مِنها أَحَبُّ
حسْبي مِنَ الحُبِّ أنِّي ... لِمَا تُحِبُّ أُحِبُّ
والدرجة الثانية: أنْ يصبرَ على البلاء، وهذه لمن لم يستطع الرِّضا بالقضاء، فالرِّضا فضلٌ مندوبٌ إليه مستحب، والصبرُ واجبٌ على المؤمن حتمٌ، وفي الصَّبر خيرٌ كثيرٌ، فإنَّ الله أمرَ به، ووعدَ عليه جزيلَ الأجر. قال الله - عز وجل -: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (?) ، وقال: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ
الْمُهْتَدُونَ} (?) . قال الحسن: الرِّضا عزيزٌ، ولكن الصبر معولُ المؤمن (?) .
والفرق بين الرضا والصبر: أنَّ الصَّبر (?) : كفُّ النَّفس وحبسُها عن التسخط مع وجود الألم، وتمنِّي زوال ذلك، وكفُّ الجوارح عن العمل بمقتضى الجزع، والرضا: انشراح الصدر وسعته بالقضاء، وترك تمنِّي زوال ذلك المؤلم، وإنْ وجدَ الإحساسُ
بالألم، لكن الرضا يخفِّفُه لما يباشر القلبَ من رَوح اليقين والمعرفة، وإذا قوي الرِّضا، فقد يزيل الإحساس بالألم بالكلية كما سبق.
قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((واعلم أنَّ النَّصر مع الصَّبر)) هذا موافق لقول الله - عز وجل -: {قَالَ