ومما يستدلُّ به من قال: الحدّ ليس بكفارة قولُه تعالى في المحاربين: {ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} (?) وظاهره أنَّه تجتمع لهم عقوبة الدنيا والآخرة. ويُجابُ عنه بأنَّه ذكر عقوبتهم في الدنيا وعقوبتهم في الآخرة (?) ، ولا يلزم اجتماعهما، وأما استثناء ((من تاب)) فإنَّما استثناه من عقوبة الدنيا خاصة، فإنَّ عقوبة الآخرة تسقط بالتوبةِ قبل القُدرة وبعدها.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ومن أصابَ شيئاً مِنْ ذلك، فستره الله عليه، فهو إلى الله إنْ شاء عذَّبه، وإنْ شاء غفر له)) (?) صريحٌ في أنَّ هذه الكبائر من لقي الله بها كانت

جتحتَ مشيئتِهِ، وهذا يدلُّ على أنَّ إقامةَ الفرائضِ لا تكفِّرها ولا تمحوها، فإنَّ عموم المسلمين يُحافظون على الفرائض، لاسيما مَنْ بايعهُم النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وخرج مِنْ ذلك مَنْ لقي الله وقد تاب منها بالنُّصوص الدَّالَّةِ من الكتاب والسنة (?) على أنَّ من تابَ إلى الله، تاب الله عليه، وغفر له، فبقى مَنْ لم يتُبْ داخلاً تحت المشيئة.

وأيضاً، فيدلُّ على أنَّ الكبائرَ لا تكفِّرُها الأعمالُ: إنَّ الله لم يجعلْ للكبائر في الدُّنيا كفَّارةً واجبةً، وإنَّما جعلَ الكفارةَ للصغائر ككفَّارةِ وطءِ المُظاهِرِ، ووطءِ المرأة في الحيض على حديث ابن عباس الذي ذهب إليه الإمامُ أحمد وغيرُه (?) ، وكفارة من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015