وكان الإمامُ أحمد يُنشِدُ:

إذا ما خَلَوْتَ الدَّهرَ يوماً فلا تَقُلْ: ... خَلَوتُ ولكِنْ قُلْ: عَلَيَّ رَقِيبُ

ولا تَحْسَبَنَّ الله يَغْفُلُ سَاعةً ... ولا أنَّ ما يَخْفَى عَلَيْهِ يَغِيبُ (?)

وكان ابنُ السَّماك ينشد:

يا مُدمِنَ الذَّنْبِ أما تَستَحِي ... والله في الخَلْوَةِ ثَانِيكَا

غَرَّكَ مِنْ رَبِّكَ إمْهَالُهُ ... وستْرُهُ طولَ مَساوِيكَا

والمقصود: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لما وصَّى معاذاً بتقوى الله سِرَّاً وعلانيةً، أرشده إلى ما يُعينه على ذلك وهو أنْ يستحييَ من الله كما يستحيي من رجلٍ ذي هيبةٍ من قومه. ومعنى ذلك: أنْ يستشعِرَ دائماً بقلبه قُرْبَ الله منه واطلاعه عليه فيستحيي من نظره إليه.

وقد امتثل معاذٌ ما وصَّاه به النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وكان عمر قد بعثه على عَمَلٍ، فقدم وليس معه شيء، فعاتبته امرأتُه، فقال: كان معي ضاغط، يعني: من يُضيق عليَّ، ويمنعني من أخذ شيءٍ، وإنَّما أراد معاذ ربَّه - عز وجل -، فظنت امرأتُه أنَّ عُمَر بعث معه

رقيباً، فقامت تشكوه إلى النَّاس.

ومن صار له هذا المقام حالاً دائماً أو غالباً، فهو من المحسنين الذين يعبدون الله كأنَّهم يرونه، ومن المحسنين الذين يجتنبون كبائرَ الإثم والفواحِشَ إلا اللممَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015