وعن أبي الدرداء قال: تمامُ التقوى أنْ يتقي اللهَ العبدُ حتى يتقيه من مثقال

ذرَّةٍ، حتى يتركَ بعضَ ما يرى أنَّه حلالٌ خشيةَ أنْ يكون حراماً يكون حجاباً بينه وبينَ الحرام (?) ، فإنَّ الله قد بَيَّن للعباد الذي يُصيرهم إليه فقال: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} (?) ، فلا تحقرن شيئاً من الخير أنْ تفعله، ولا شيئاً من الشرِّ أنْ تتقيه.

وقال الحسنُ: ما زالت التقوى بالمتقين حتَّى تركوا كثيراً من الحلال مخافة الحرام (?) .

وقال الثوري: إنَّما سُمُّوا متقينَ؛ لأنَّهم اتقوا ما لا يُتقى (?) .

وقال موسى بنُ أَعْيَن: المتقون تنزَّهوا عن أشياء من الحلال مخافة أنْ يقعوا في الحرام، فسماهم الله متقين.

وقد سبق حديثُ: ((لا يَبلغُ العبدُ أنْ يكونَ من المتقين حتَّى يدعَ ما لا بأس

به حذراً مما به بأس)) (?) . وحديث: ((من اتَّقى الشُّبُهاتِ استبرأ لِدينه

وعِرْضِه)) (?) .

وقال ميمونُ بنُ مِهران: المُتَّقي أشدُّ محاسبةً لنفسه من الشريكِ الشحيحِ لِشريكه (?) .

وقال ابن مسعود في قوله تعالى: {اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} (?) ، قال: أنْ يُطاع فلا يُعصى، ويُذكر فلا ينسى، وأن يُشكر فلا يُكفر. وخرَّجه الحاكم مرفوعاً والموقوف أصحّ (?) ، وشكرُه يدخلُ فيه جميعُ فعل الطاعات.

ومعنى ذكره فلا ينسى: ذكر العبد بقلبه لأوامر الله في حركاته وسكناته وكلماته فيمتثلها، ولنواهيه في ذلك كله فيجتنبها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015