هذا يدلُّ على جواز التمثيل بمن تغلَّظَتْ جرائمُهُ في
الجملة، وإنَّما نهي عن التمثيل في القصاص، وهو قول ابنِ عقيل من
أصحابنا.
ومنهم من قال: بل نسخ ما فعل بالعرنيين بالنهي عن المُثلةِ (?) .
ومنهم من قال: كان قبلَ نزولِ الحدود وآيةِ المحاربة (?) ، ثم نُسخ بذلك (?) ، وهذا قولُ جماعة منهم: الأوزاعي وأبو عُبيد.
ومنهم من قال: بل ما فعله النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بهم إنَّما كان بآية المحاربة، ولم ينسخ شيء من ذلك، وقالوا: إنَّما قتلهم النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وقَطَعَ أيديهم؛ لأنَّهم أخذوا المالَ، ومن أخذ المالَ وقَتَلَ (?) ، قُطِعَ وقُتِلَ، وصُلِبَ حتماً، فيُقتَلُ لقتله (?) ويُقطع لأخذه المال يَدُه ورجلُه من خِلاف، ويُصلَبُ لجمعه (?) بين الجنايتين وهما: القتلُ وأخذُ المال، وهذا قول الحسن، ورواية عن أحمد (?) .
وإنَّما سَمَلَ أعينهم؛ لأنَّهم سملوا أعينَ الرعاة كذا خرَّجه مسلم من حديثِ أنس (?) ،
وذكر ابنُ شهابٍ أنَّهم قتلوا الراعي (?) ، ومَثَّلوا به (?) ، وذكر ابن سعد أنَّهم قطعوا يدَه ورجله، وغرسوا الشوكَ في لسانه وعينيه حتّى مات (?) ، وحينئذ فقد يكونُ قطعُهم، وسملُ أعينهم، وتعطيشُهم قصاصاً (?) ، وهذا يتخرَّجُ على قول مَنْ يقولُ: إنَّ المحاربَ إذا جنى جنايةً توجبُ القصاصَ استُوفِيت منه قبل قتله، وهو مذهب أحمد. لكن هل يستوفى (?) منه تحتماً كقتله أم على وجه القصاص، فيسقط بعفو الولي؟
على روايتين عنه (?) ، ولكن رواية الترمذي أنَّ قطعَهُم من خلاف يدلُّ على أنَّ
قطعهم للمحاربة إلا أنْ يكونوا قد قطعوا يدَ الراعي ورجلَه من خلاف، والله
أعلم (?) .