وهذا النوعُ هو الذي ذكره النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث، ولعله ذكره على سبيلِ المثال، أو لحاجته إلى بيانه في تلك الحال فقال: ((إذا قتلتُم فأحسِنوا القِتلة، وإذا ذبحتم فأحسِنوا الذِّبحة)) والقِتلة والذِّبحة بالكسر، أي: الهيئة، والمعنى: أحسنوا هيئة الذبح، وهيئة القتل. وهذا يدلُّ على وجوب الإسراع في إزهاق النفوس التي يُباحُ إزهاقُها على أسهلِ الوجوه (?) . وقد حكى ابنُ حَزمٍ الإجماع على وجوب الإحسان في الذبيحة (?) ، وأسهلُ وجوه (?) قتل الآدمي ضربه بالسيف على العنق، قال الله تعالى في حقِّ الكفار: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ} (?) ، وقال تعالى: {سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ} (?) . وقد قيل: إنَّه عيَّن الموضع الذي يكونُ الضربُ فيه أسهلَ على المقتول وهو فوقَ العظام دونَ الدماغ، ووصى دريدُ بنُ الصِّمة قاتله أنْ يَقْتُلَهُ كذلك.
وكان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا بعث سريةً تغزوا في سبيل الله قال لهم: ((لا تُمَثِّلُوا ولا تقتلوا
وليداً)) (?) .