لما ذكر - صلى الله عليه وسلم - أنَّ الأعمالَ بحسبِ النِّيَّاتِ، وأنَّ حظَّ العاملِ من عمله نيَّتُه مِنْ خيرٍ أو شرٍّ، وهاتانِ كلمتانِ جامِعتانِ، وقاعِدَتانِ كلِّيَّتانِ، لا يخرُجُ عنهما شيءٌ، ذكر بعدَ ذلك مثالاً من أمثال الأعمال التي صُورتُها واحدةٌ، ويختلِفُ صلاحُها وفسادُها باختلافِ النِّيَّاتِ، وكأنَّه يقول: سائرُ الأعمالِ على حَذوِ هذا المثال.
وأصلُ الهجرةِ: هِجرانُ بلدِ الشِّرك، والانتقالُ منه إلى دارِ الإسلام، كما كانَ المهاجرونَ قَبلَ فتحِ مكَّة يُهاجرون منها إلى مدينة (?) النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وقد هاجرَ مَنْ هاجَرَ منهم قبلَ ذلك إلى أرض الحبشة إلى النَّجاشيِّ.
فأخبرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّ هذه الهجرةَ تختلفُ باختلافِ النيات والمقاصدِ بها (?) ، فمن هاجَرَ إلى دار الإسلام حُبّاً لله ورسولِهِ، ورغبةً في تعلُّم دينِ الإسلام، وإظهارِ دينِه حيث كان يعجزُ عنه في دارِ الشِّركِ، فهذا هو المهاجرُ إلى الله ورسوله حقاً، وكفاه شرفاً وفخراً أنَّه حصل له ما نواه من هجرتِهِ إلى الله ورسوله.
ولهذا المعنى اقتصرَ في جوابِ هذا الشرط على إعادتِهِ بلفظه؛ لأنَّ حُصولَ ما نواه بهجرته نهايةُ المطلوب في الدُّنيا والآخرة.
ومن كانت هجرتُهُ من دارِ الشِّرك إلى دارِ الإسلام لطَلَبِ دُنيا يُصيبها، أو امرأةٍ