وهذا حسنٌ فإنَّ من كان كذلك، كان سكوتُه وحديثُه لمخالفة هواه وإعجابه بنفسه، ومن كان كذلك، كان جديراً بتوفيق الله إيَّاه وتسديده في نطقه وسكوته؛ لأنَّ كلامَه وسكوتَه يكونُ لله - عز وجل -.
وفي مراسيل الحسن، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربِّه - عز وجل - قالَ: ((علامة الطُّهر أنْ يكونَ قلبُ العبد عندي معلَّقاً، فإذا كانَ كذلك لم ينسني على حال، وإذا كانَ كذلك مننتُ عليهِ بالاشتغال بي كي لا ينساني، فإذا نسيني حرَّكتُ قلبهُ، فإنْ تكلّم، تكلّم لي، وإن سكتَ، سكتَ لي، فذلك الذي تأتيه المعونةُ من عندي)) خرَّجه إبراهيمُ بنُ الجنيد.
وبكلِّ حالٍ، فالتزامُ الصمت مطلقاً، واعتقاده قربة إمَّا مطلقاً، أو في بعض العبادات، كالحجِّ والاعتكاف والصيام منهيٌّ عنه. ورُوي من حديث أبي هريرة عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أنَّه نهى عن صيامِ الصَّمت (?) . وخرَّج الإسماعيلي من حديث عليٍّ قال: نهانا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصمت في العُكوفِ، وفي " سنن أبي داود " (?) من حديث عليٍّ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: ((لا صُماتَ يَومٍ إلى الليلِ)) .