وإذا حسن الإسلامُ، اقتضى ترك ما لا يعني كله من المحرمات والمشتبهات والمكروهات، وفضول المباحات التي لا يحتاج إليها، فإنَّ هذا كله لا يعني المسلم إذا كمل إسلامهُ، وبلغ إلى درجة الإحسان، وهو أنْ يَعْبُدَ الله تعالى كأنَّه يراه، فإنْ لم يكن يراه، فإنَّ الله يراه، فمن عبد الله على استحضار قربه ومشاهدته بقلبه، أو على استحضار قرب الله منه واطلاعه عليه، فقد حسن إسلامه، ولزم من ذلك أنْ يترك كل ما لا يعنيه في الإسلام، ويشتغل بما يعنيه فيه، فإنَّه يتولَّدُ من هذين المقامين الاستحياءُ من الله وترك كلِّ ما يُستحيى منه، كما وصَّى - صلى الله عليه وسلم - رجلاً أنْ يستحيي من الله كما يستحيي من رجل من صالحي عشيرته لا يُفارقه.
وفي " المسند " والترمذي عن ابن مسعود مرفوعاً: ((الاستحياء من الله تعالى أنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وما حَوَى، وتَحفَظَ البَطنَ وما وَعَى، ولْتَذْكُرِ الموتَ والبِلى (?) ، فمن فَعَل ذلك، فقد استحيَى من الله حقَّ الحياء)) (?) .
قال بعضهم: استحي من الله على قدر قربه منك، وخَفِ الله على قدر قدرته عليك.
وقال بعضُ العارفين: إذا تكلمتَ فاذْكُر سَمعَ اللهِ لك، وإذا سكتَّ فاذكر نظره إليك (?) .
وقد وقعتِ الإشارةُ في القرآن العظيم إلى هذا المعنى في مواضع كثيرة (?) : كقوله تعالى: