وأما ما يمنع إجابة الدعاء، فقد أشار - صلى الله عليه وسلم - إلى أنّه التوسُّع في الحرام أكلاً وشرباً ولبساً وتغذيةً، وقد سبق حديثُ ابن عباس في هذا المعنى أيضاً، وأنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال لسعد: ((أطِبْ مطعمَكَ، تَكُنْ مُستجاب الدعوة)) (?) فأكل الحلال وشربه ولبسه والتغذي به سبب موجبٌ لإجابة الدعاء.
ورَوى عكرمةُ بن عمار: حدَّثنا الأصفر، قال: قيل لسعد بن أبي وقاص: تُستجابُ دعوتُك من بين أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: ما رفعتُ إلى فمي لقمةً إلا وأنا عالمٌ من أين مجيئُها، ومن أين خرجت.
وعن وهب بن مُنبِّه قال: من سرَّه أنْ يستجيب الله دعوته، فليُطِب طُعمته، وعن سهل بن عبد الله قال: من أكل الحلال أربعين يوماً (?) أُجيبَت دعوتُه، وعن يوسف بن أسباط قال: بلغنا أنَّ دعاءَ العبد يحبس عن السماوات بسوءِ المطعم.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((فأنَّى يستجاب لذلك)) ، معناه: كيف يُستجاب له؟ فهوَ استفهامٌ وقع على وجه التَّعجُّب والاستبعاد، وليس صريحاً في استحالة الاستجابة، ومنعها بالكلية، فَيُؤْخَذُ من هذا أنَّ التوسُّع في الحرام والتغذي به من جملة موانع الإجابة، وقد يُوجد ما يمنعُ هذا المانع من منعه، وقد يكونُ ارتكابُ المحرمات الفعلية مانعاً من الإجابة أيضاً، وكذلك ترك الواجبات كما في الحديث: أنَّ ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يمنع استجابة دعاء (?) الأخيار (?) ،
وفعل الطاعات يكون موجباً لاستجابة الدعاء. ولهذا لمَّا توسَّل الذين دخلوا الغارَ، وانطبقت عليهمُ الصخرةُ بأعمالهم الصالحةِ التي