خرَّجه الإمام أحمد وأبو داود (?) .
وفي قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا أمرتُكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم)) دليلٌ على أنَّ من عَجَزَ عن فعل المأمور به كلِّه، وقدرَ على بعضه، فإنَّه يأتي بما أمكنه منه، وهذا مطرد في مسائل:
منها: الطهارة، فإذا قدر على بعضها، وعجز عن الباقي: إما لعدم الماء، أو لمرض في بعض أعضائه دون بعض، فإنَّه يأتي مِنْ ذلك بما قدر عليه، ويتيمم للباقي، وسواء في ذلك الوضوء والغسل على المشهور (?) .
ومنها: الصلاة، فمن عَجَزَ عن فعل الفريضة قائماً صلَّى قاعداً، فإن عجز صلَّى مضطجعاً (?) ، وفي "صحيح البخاري" (?) عن عِمْرَانَ بن حصين: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((صَلِّ قائماً، فإنْ لم تستطع فقاعداً، فإنْ لم تستطع فعلى جنبٍ)) ، ولو عجز عن ذلك كلِّه، أومأ بطرفه، وصلى بنيته، ولم تسقُط عنه الصلاةُ على المشهور (?) .
ومنها: زكاة الفطر، فإذا قَدَرَ على إخراج بعضِ صاع، لزمه ذلك على الصحيح (?) ،
فأمَّا من قدر على صيامِ بعض النهار دُونَ تكملته، فلا يلزمه ذلك بغير
خلاف؛ لأنَّ صيامَ بعض اليوم ليس بقُربَةٍ في نفسه (?) ، وكذا لو قدر على عتق بعض رقبة في الكفارة لم يلزمه؛ لأنَّ تبعيض العتق غير محبوب للشارع بل يُؤْمَرُ بتكميله بكلِّ طريق (?) .
وأما من فاته الوقوفُ بعرفةَ في الحج، فهل يأتي بما بقيَ منه من المبيت بمزدلفة، ورمي الجمار أم لا؟ بل يقتصر على الطواف والسعي، ويتحلل بعمرة على روايتين عن أحمد،